خارج الحدود

انقطاع واسع للكهرباء في أوروبا يفضح هشاشة الشبكات الكهربائية المركزية

عاد التيار الكهربائي تدريجياً إلى إسبانيا والبرتغال وجنوب فرنسا بعد انقطاع واسع النطاق يوم الاثنين أحدث شللاً في حياة ملايين المواطنين.

وتوقفت إشارات المرور، وتعطلت ماكينات الصراف الآلي، وتوقف النقل العمومي، وانقطعت خدمات الهاتف، واضطر الناس لتناول عشاءهم على ضوء الشموع. كما علق البعض داخل القطارات والمصاعد.

رئيس الوزراء الإسباني، بيدرو سانشيز، أوضح أن السبب الدقيق للانقطاع لم يُعرف بعد، رغم أن شركة تشغيل الشبكة البرتغالية REN أشارت في البداية إلى ظاهرة نادرة تُعرف بـ”الاهتزازات الجوية المحفزة”، قبل أن تتراجع لاحقًا عن هذا التفسير.

الطقس وشبكات الكهرباء: علاقة متوترة

تشير الدراسات إلى أن الطقس يُعد من أبرز أسباب الانقطاعات الكهربائية في العالم. ففي الولايات المتحدة، مثلًا، كانت 83% من الانقطاعات بين 2000 و2021 ناتجة عن أحوال جوية.

وتشمل هذه التأثيرات الأعاصير، وموجات الحر، والحرائق، والرياح التي تؤدي إلى اهتزازات في خطوط النقل.

تُعرف هذه الاهتزازات بنوعين: “قفزات الناقل” (بتردد منخفض) و”الاهتزازات الأيولية” (بتردد مرتفع)، وكلاهما يشكل تهديدًا للبنية التحتية الكهربائية. ويستخدم مشغلو الشبكات ما يسمى بـ”مخمدات الاهتزاز” لتقليل هذه المخاطر.

ما المقصود بـ”الاهتزازات الجوية المحفزة”؟

يشير هذا المفهوم، غير الشائع في الأدبيات العلمية، إلى اضطرابات ناتجة عن تغيرات مفاجئة في درجة الحرارة أو الضغط الجوي.

وعند حدوث تسخين سريع لسطح الأرض، كما في موجات الحر، ترتفع الحرارة في الهواء المحيط، ما يخلق موجات ضغط تنتشر في الغلاف الجوي. هذه الموجات يمكنها التأثير على خطوط الكهرباء، خصوصًا تلك الممتدة لمسافات طويلة.

شبكات كهربائية هشة أمام تغيرات المناخ

تزداد أهمية فهم سلوك الغلاف الجوي في ظل الاعتماد المتزايد على شبكات كهرباء مترابطة عابرة للحدود. فالهياكل الشبكية المركزية، التي لم تُصمم لتحمل هذا القدر من التعقيد، باتت عرضة للانهيار أمام أي اضطراب جوي أو بيئي طارئ.

كما أن التوسع في استخدام السيارات الكهربائية، والمباني المعتمدة كليًا على الكهرباء، ودمج مصادر الطاقة المتجددة المتقطعة، يُفاقم الضغط على الشبكات التقليدية.

نحو حلول لامركزية

لتجنب الكوارث المستقبلية، يدعو الخبراء إلى تبني حلول مبتكرة مثل شبكات الطاقة المصغرة (Microgrids) التي توفر استقلالية ومرونة، ويمكنها العمل بشكل مستقل عند الحاجة. تقوية الاعتماد المحلي على الطاقة هو المفتاح لضمان أمن واستدامة شبكات الكهرباء في المستقبل.

انقطاع الكهرباء الأخير في أوروبا، أياً كان سببه، هو تحذير صارخ: شبكاتنا الكهربائية أصبحت شديدة الحساسية. وإذا لم تُعالج مواطن الضعف البنيوية فيها، فقد تكون العواقب المستقبلية أكثر خطورة مما خلفته جائحة كوفيد-19.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى