أولمبياد باريس… من المسؤول عن الإخفاق
حصيلة باريس 2024: لماذا لم تحقق الرياضة المغربية قفزة نوعية؟

لم تستطع برونزية أبناء السكيتيوي، أن تخفي خيبة الأمل الكبيرة التي عاشها المغاربة بمناسبة الألعاب الأولمبية في باريس 2024، التي تبخرت فيها 8 مليارات سنتيم، من أموال دافعي الضرائب، حصيلة هزيلة اقتصرت على ذهبية العداء البقالي ونحاسية المنتخب الأولمبي لكرة القدم.
رغم أن نحاسية فريق كرة القدم هي الأولى في تاريخ الأولمبياد، منذ انطلاقتها لأول مرة في ملعب باناثينايكو في أثينا سنة 1896، لفريق عربي وإفريقي، على مستوى الرياضات الجماعية، إلا أن غياب التتويج في باقي الرياضات التي شارك فيها المغرب، البالغ عددها 19 نوعا رياضيا، ب 60 رياضيا ورياضية، جعل المتتبعين للشأن الرياضي ومعهم معظم أفراد الشعب يتساءلون عن السر وراء هذا الإخفاق المدوي للرياضة المغربية.
26 ميدالية منذ 1960
منذ أول مشاركات مغربية في الأولمبياد، والتي كانت سنة 1960 بروما، إلى حدود هذا العام، لم تتجاوز الميداليات التي حصل عليها الرياضيون المغاربة 26 ميدالية، منها 8 ذهبيات، و5 فضيات، و8 نحاسيات.
ولقد تم تسجيل معظم هذه التتويجات، بالأخص في رياضات ألعاب القوى وخاصة العدو، والتي لم يكن لجامعة ألعاب القوى في الكثير من الأحيان دور فيها، حيث أن العديد من العدائين يعتمدون على إمكانياتهم الخاصة استعداد لمختلف البطولات العالمية.
رؤساء الجامعات .. عناوين للفشل
للبحث عن أسباب الفشل المتعدد، لا يكفي توجيه أصابع الإتهام إلى الشخصيتين المعنيتين بشكل مباشر بهذا الإخفاق المدوي، بل هناك أسباب عدة لا بد من الوقوف عندها.
لكن لا بد أن نفرد لكل من عبد السلام أحيزون صاحب الإتصالات، حيزا من مهما من المحاسبة في هذا الباب، باعتباره رئيس الجامعة الملكية لألعاب القوى التي تضم غالبية الرياضيين المشاركين، وزميله صاحب التلفزيون فيصل العرايشي، باعتباره رئيس اللجنة الاولمبية المغربية.
إن عبد السلام أحيزون الذي يصر على التشبث بمنصبه منذ 2006، رغم أن عصره لم يشهد أي تطور لألعاب القوى المغربية، بل عرف تراجعا. وتمكن أحيزون وفريقه، من الإجهاز على تلك الشعلة الوحيدة التي كانت تدخل بعض الفرحة إلى قلوب المغاربة، ألا وهي العدو فما بالك بالرياضات الأخرى.
وكان أحيزون قد انتخب أول مرة رئيسا للجامعة يوم 4 دجنبر 2006 خلفا لامحمد أوزال رئيس اللجنة المؤقتة، وأعيد انتخابه للمرة الثانية يوم 29 نونبر 2010، ثم لولاية ثالثة يوم 29 يناير 2015 مدتها أربع سنوات (2015-2019)، قبل أن يعاد انتخابه لولاية رابعة في 22 أبريل 2019.
في السنوات الأخيرة ارتبط اسم أحيزون بالجدل، سواء على مستوى شركة الإتصالات التي يشرف على مجلسها الإداري، أو جامعة ألعاب القوى التي يترأسها، لقد أصبح الرجل عنوانا للفشل، ما جعل وسم “أحيزون ارحل” يجتاح مواقع التواصل الإجتماعي، خاصة بعد الظهور الباهت أولمبيات باريس.
أما صاحب التلفزيون، فيصل العرايشي، الذي يترأس اللجنة الوطنية الأولمبية منذ عقد من الزمن، فلم يقدم هو الآخر شيء للعبة، بل حتى رياضة كرة المضرب التي يترأس جامعتها الملكية، لم تحقق في عهده أية مشاركة مشرفة، يمكن أن تحسب له، للاعب تنس مغربي، فما بالك بالألقاب، ولم يتابع المغاربة مباراة مشرفة للمغرب في بطولات كرة المضرب العالمية، منذ أزيد من عقدين، مع عهد يونس العيناوي وهشام أرازي.
الولوج لممارسة الرياضة
أصبح الولوج لممارسة الرياضة في المغرب أمرا صعبا ومكلفا، بعد أن تضاءلت الفضاءات الرياضية التي كان بإمكان الجميع الولوج إليها، وتراجع دور جمعيات المجتمع المدني التي كانت تعمل على احتضان المواهب الصاعدة. بل إن الجماعات المحلية ملزمة هي الاخرى بتوفير فضاءات رياضية مفتوحة للعموم طيلة أيام الأسبوع، ودعم الجمعيات الرياضية الجادة، مع محاسبتها على النتائج، عكس منطق الزبونية الطاغية في الوقت الحالي، حيث يتم دعم جمعيات موالية للمنتخبين، دون التدقيق في مصير هذه الأموال، في حين تبقى الجمعيات الجادة خارج حسابات هذه المجالس، لأنها ليس موالية وليس لها مردود انتخابي.
الرياضة المدرسية التي كان يمكن أن تكون المشتل الحقيقي للرياضيين المغاربة، خرجت هي الأخرى منذ زمن من حسابات المسؤولين، ودخلت في أزمة نقص الأطر التعليمية التي يجمع المتتبعون على عدم كفايتها، بالإضافة إلى التجهيزات الرياضية المدرسية التي لا تتوفر في معظم المؤسسات التعليمية، كما أن المؤسسات التعليمية الثانوية، المتخصصة في المجال الرياضي، قليلة جدا، بل حتى المتوفر منها لا يحمل من ذلك إلا الإسم.
ويطالب النشطاء في المجال بضرورة تعميم مادة الرياضة في المدارس الإبتدائية أيضا، على اعتبار أنه في هذه المرحلة يمكن رصد المواهب الرياضية، ودعا هؤلاء إلى وضع برنامج تعليمي خاص بهذه المواهب منذ المرحلة الإبتدائية، من أجل تمكينها من الممارسة والتكوين الرياضي، ووضعها في مسارها نحو الإحتراف.
إن ما شهدته الرياضة المغربية على مستوى كرة القدم، من نتائج أبهرت العالم، احتاج إلى أزيد من عقد من العمل الجاد والمتواصل، لكن باقي الرياضات لا زالت متعثرة، ولم تعرف أي تطور، وهو ما كشفته حصيلة باريس 2024، لقد آن الأوان لهذه الجامعات أن تغير جلدتها وتتخلص من مسيريها الحاليين، الذين يمثلون عناوين الفشل المغربي.
من أجل الوطن، غادروا….