الموجز الوطني

فضائح تفويت أملاك الدولة تكشف زيف شعارات التنمية وتشجيع الاستثمار بمراكش

في وقت تتعالى فيه الشعارات الرسمية حول تشجيع الاستثمار وتحقيق التنمية، تتكشف مجدداً في مدينة مراكش مظاهر خطيرة لفوضى تفويت أراضي الدولة وغياب الشفافية، وسط صمت مريب عن تطبيق مبادئ المحاسبة والمساءلة.

فقد كشفت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان فرع المنارة مراكش عن ما اعتبرته، فضيحة جديدة تتعلق بتفويت عقار استراتيجي في تجزئة باب إغلي، مساحته 3744 متر مربع، لفائدة مستثمرين في القطاع الصحي، بثمن زهيد مقابل التزامهم بإنشاء مركز أبحاث في أمراض القلب والشرايين ومدرسة لتكوين الممرضين.

إلا أن المشروع، حسب ذات المصدر، لم يحترم شروط دفتر التحملات، وتحول إلى مصحة خاصة ذات أهداف ربحية، في ظل غياب المراقبة القانونية والتقويم القبلي للمشروع، ما أثار، حسب الجمعية، شبهة استغلال النفوذ والاغتناء غير المشروع.

وأوضحت الجمعية أن هذا النموذج يعكس غياباً ممنهجاً للمحاسبة، حيث لا يتم تقييم قدرة الجهات المستفيدة على تنفيذ المشاريع المعلنة، خاصة عندما يتعلق الأمر بمشاريع ذات طابع علمي وتكويني يفترض أن تكون من اختصاص مؤسسات عمومية أو جامعية كبرى.

وسجلت الجمعية أيضاً تنامي ظاهرة التفويتات المشبوهة للملك العمومي، لا سيما في قطاع السكن الاقتصادي والاجتماعي. وأشارت إلى حالة عقار بحي المسيرة تم تفويته بمبلغ 31.95 مليون درهم سنة 2017، دون أن تُسدد الجهة المستفيدة سوى 3 ملايين درهم فقط، في حين لا تزال الشركة المالكة للمشروع مدينة بـ28.74 مليون درهم لصالح شركة العمران. وقد أسفر غياب التتبع والمراقبة عن وقوع عملية نصب راح ضحيتها أكثر من 700 مواطن ومواطنة.

كما لفتت الجمعية الانتباه إلى خروقات مماثلة في صفقات مرتبطة بمنطقة العزوزية، التي كانت مخصصة لمشاريع تأهيل بيئي ونقل طرقي، فتحولت إلى مشاريع ربحية على يد مستثمرين حصلوا على أراضٍ بأسعار زهيدة.

وذكّرت الجمعية بحالات مماثلة لتفويت أراضٍ عمومية بتاركة الزداغية والحي الشتوي، حيث تم بيع عقارات بأقل من 10% من قيمتها الحقيقية، دون مراجعة أو استرجاع للملك العمومي.

وأكدت الجمعية في بيانها أن هذه التجاوزات تمثل انتهاكاً صارخاً للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، مشددة على أن تفويت أملاك الدولة في مواقع استراتيجية بأثمان زهيدة هو جريمة في حق مقدرات الشعب، ويغذي مافيا العقار والريع تحت غطاء الاستثمار الوهمي.

وطالبت الجمعية بفتح تحقيق شفاف ونزيه حول عمل لجنة الاستثناءات واللجنة الولائية المصادقة على المشاريع، وكذا بمراجعة شاملة للقوانين المنظمة لتفويت أراضي الدولة، ووضع ضوابط صارمة تضمن احترام كناش التحملات وتفعيل آليات الجزاء في حال الإخلال به.

كما دعت الجهات المسؤولة إلى التدخل العاجل لوقف نزيف الفساد باسم الاستثمار، والحرص على توجيه الدعم العمومي إلى مستحقيه عبر آليات مراقبة فعالة، مع إعمال مبدأ عدم الإفلات من العقاب في كل ما يخص التلاعب بالملك العمومي والمال العام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى