موجز الإقتصاد

أكياس القماش.. مبادرة بيئية لتمكين النساء القرويات اقتصاديًا

في مواجهة التحديات البيئية والاجتماعية التي تعرفها القرى المغربية، تبرز مبادرات عديدة تهدف إلى دعم الفئات الأكثر هشاشة وتعزيز التنمية المستدامة. من بين هذه المبادرات، يأتي مشروع أكياس القماش الصديقة للبيئة، الذي أطلقته مؤسسة الأطلس الكبير، بدعم من شركائها، كخطوة رائدة تهدف إلى تمكين النساء القرويات اقتصاديًا، وتحفيز الاستدامة البيئية عبر الحد من استخدام البلاستيك في المجال الزراعي.

المشروع يركز على إرساء تعاونيات نسائية محلية، ما يتيح للنساء فرصة للاندماج في الدورة الاقتصادية، من خلال اكتساب مهارات ريادة الأعمال وإدارة المشاريع. وقد قامت المؤسسة بتسجيل ثلاث تعاونيات رسمية بإقليم الحوز، وهي: تعاونية تيفاوت ويدرارن بجماعة بأغبار، تعاونية تيميورين نساء تينمل بجماعة ثلاث نيعقوب، وتعاونية زربية أشبارو بجماعة تمصلوحت. ولضمان نجاح هذه التعاونيات، تم تزويدها بـ 50 آلة خياطة ومعدات حديثة لإنتاج الأكياس البيئية، مما ساهم في تحسين جودة الإنتاج وضمان استمراريته، إلى جانب دعم الزراعة المستدامة عبر تقديم بدائل بيئية تقلل من الاعتماد على البلاستيك.

لا يقتصر المشروع على توفير فرص عمل للنساء، بل يشمل أيضًا برامج تدريبية شاملة لتعزيز قدراتهن المهنية والشخصية. ووفقًا ليوسف مزدو، مسؤول المشروع بمؤسسة الأطلس الكبير، فإن هذه المبادرة لم تكن مجرد دعم اقتصادي، بل منصة متكاملة لبناء القدرات، حيث تم تنظيم ورش تدريبية حول إدارة التعاونيات وفقًا لقانون 112.12، التفكير الإيجابي، إدارة الوقت، والتواصل الفعّال، فضلًا عن جلسات توعية حول مدونة الأسرة المغربية، ما ساعد النساء على فهم حقوقهن القانونية وتعزيز ثقتهن بأنفسهن.

من جهتها، أكدت سميرة، مسيرة تعاونية زربية أشبارو، أن المشروع فتح آفاقًا جديدة للعديد من النساء، بمن فيهن فتيات غير متمدرسات وربات بيوت، حيث أتاح لهن فرصة لكسب دخل مستدام وتحسين ظروفهن الاجتماعية. كما أضافت أن إنتاج أكياس الأشجار الصديقة للبيئة لم يسهم فقط في تحقيق الاستقلال المالي، بل مكّن النساء أيضًا من أن يصبحن فاعلات في المجال البيئي، مما يعزز حضورهن في القضايا التنموية الكبرى.

اليوم، أصبح مشروع أكياس القماش نموذجًا ناجحًا لكيفية دمج النساء القرويات في الاقتصاد الأخضر، من خلال تمكينهن من أدوات العمل والتكوين المستمر، في بيئة تعزز الاستدامة والمسؤولية البيئية. هذا النجاح يعكس التزام مؤسسة الأطلس الكبير بمواصلة دعم المرأة القروية، ويؤكد أهمية التعاونيات كوسيلة فعالة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة. ومع التوسع المستقبلي لهذه المبادرة، يبقى الأمل معلقًا على أن تصبح التجربة مصدر إلهام لمشاريع أخرى تعزز دور المرأة في بناء مجتمع أكثر عدلًا واستدامة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى