رأي

“مهرجان الأمل” في مدينة بدون أمل… 

أيمن سلام

بينما يرفع المواطنون والمواطنات وجمعيات من المجتمع المدني أصواتهم من أجل إيجاد حل لأزمة صحية تتجلى في هدم المركز الصحي لمدينة سدي بوعثمان، منذ أزيد من سنتين دون إعادة هيكلته، تعتزم جمعية رياضية تنظيم تظاهرة سمَّتها “مهرجان الأمل”، تحت شعار “الرياضة رافعة أساسية للتنمية المحلية”.

إن هذه الخطوة لن تكون سوى محاولة لترويض الساكنة وتضليل تناقضاتهم الرئيسية من خلال تعويضها بالترفيه والتنشيط. كما تعتبر فرصة لتبرير الدعم العمومي الذي تحصلت عليه هذه الجمعية الرياضية، والذي قوبِل بالرفض والاستغراب، إذ بلغ 360.000 درهم، أي 36 مليون سنتيم، بعد زيادة ستة ملايين سنتيم خلال هذه السنة.

إن مقارنة هذا الدعم الذي تستفيد منه هذه الجمعية الرياضية، بالدعم العمومي المُقدم للجمعيات والأندية الرياضية الأخرى، التي تلعب في نفس القسم القسم الممتاز   تثير مجموعة من التساؤلات.

لنتجاوز هذه المقارنة ونقف عند حيثيات تستحق الشرح والتحليل والتساؤل.

 

لن نعطيكم مستحقاتكم ولكن سنعطيكم الأمل

بداية بسبب الزيادة في الدعم المخصص للجمعية، المجلس البلدي لسيدي بوعثمان أكد أن قيمة الزيادة (60 ألف درهم) ستستفيد منها أربع جمعيات رياضية محلية غير منضوية تحت لواء العصبة، وأن الجمعية الرياضية التي نتحدث عنها ستلعب دور وسيط فقط، لتمكين هذه الجمعيات من هذا الدعم.

تساءل بعض الفاعلين في المنطقة عن وجود أي مادة قانونية تؤطر عملية الوساطة هاته، وتقبلها البعض الآخر لكونها تشمل دعم أطفال ينشطون في تلك الجمعيات الرياضية، مع التحفظ عن مسألة الوسيط.

ومع ذلك لم يتم التجاوب أو التوضيح في هذه النقطة..!

إن المجلس البلدي لم يحرص على تحديد نوعية الدعم، حتى بعد مرور الدورة، إذ أخبر المعنيين به أنه سيكون دعمًا لوجيستيا. وبعد اجتماع هؤلاء المعنيون قرروا أن هذا الأمر في صالحهم، ولم يرفضوه شريطة أن تبلغ قيمة المعدات اللوجيستية المقدمة من الوسيط 15 ألف درهما لكل واحدة من الجمعيات، أي ما مجموعه 6 ملايين سنتيم.

تواصلنا مع رئيس إحدى هاته الجمعيات الرياضية المعنية بغرض تتبع هذه المسألة، وأحالنا إلى آخر تفاعل لهم في هذا السياق نجده في صفحة الجمعية على “فايسبوك”.

وفي توضيح منشور على صفحة هاته الجمعية، فإن:<< المعدات المقدمة اقتصرت على 3 كرات، 17 قميصا، و20 سترة. هذه المعدات، حتى لو كانت ذات جودة عالية، لا تبرر القيمة المخصصة من الدعم والتي تقدر بـ 15,000 درهم>>.

وأعلن رئيس هاته الجمعية في نفس التوضيح، عن رفض استلامه لهذه المعدات بهذا الشكل، وطالب بإعادة النظر في طريقة دعم الجمعيات الرياضية، بحيث يكون “دعما مباشرا بدون وسطاء، لضمان تحقيق الأهداف المرجوة”. في حين قبلت باقي الجمعيات الثلاثة بتلك المعدات المقدمة والتي لا تبلغ نسبتها 5% من النسبة التي تم تخصيصها.

وفي الوقت الذي يجب على هذه الجمعية الوسيط توزيع مستحقات الجمعيات الأربع، تقوم بتنظيم مهرجان تصفه ب”الأمل”. وكأنها تقول لهم؛ لن نعطيكم مستحقاتكم ولكن سنعطيكم الأمل”.

 

التنمية الحقيقية تبدأ من الصحة ومن توفير البنيات التحتية

لا يخفى على أحد أن من يزاولون الرياضة نفسهم أكثر من يحتاج للخدمات الصحية، ولا نستثني بهذا القول باقي المواطنين/ات.

إن هذه المدينة الصغيرة (كباقي مدن البلاد) تظل بعيدة كل البعد عن التنمية الحقيقية، حينما تُعتبر الرياضة فيها أهم من الصحة، وأهم من البنية التحتية.

للأسف الشديد لا يضع الساهرون عن الشأن الرياضي محليًا هذا الأمر بعين الاعتبار. وإذ هم يبحثون عن الدعم العمومي فإنهم لا يلاحظون كون المنطقة لا تتوفر على ملعب وحيد يراعي شروط السلامة الصحية لللاعبين/ات، فالملعب البلدي بسيدي بوعثمان يَعتبره الجميع خاصةً اللاعبين كبار وصغار مخاطرة بالذات.

يقول “يوسف” وهو شاب مهتم بالرياضة وبتتبع السياسات العمومية:<< كنت ألعب في هذا الفريق، لم أعد أجد ما يدفعني لممارسة الرياضة، فاللعب في هذه الشروط مخاطرة بجسدي، وغياب مركز صحي داخل المدينة يزيد الطين بلة>>.

<< عن أي أمل يتحدث هؤلاء، وهذه المدينة الصغيرة بدون مستشفى! إن الساكنة هنا تعيش حياة البؤس وهي محرومة من أبسط الخدمات الصحية. لا أمل يلوح في الأفق، إنه البؤس…>>

هكذا عبّر المساعد الاجتماعي والباحث في مجال السوسيولوجيا “عبد الإله سلام” في منشور له عبر صفحته في “الفايسبوك”، تفاعلا مع هذه التظاهرة.

إن المهرجانات والمواسم في إقليم الرحامنة انتشرت بشكل كبير، كل جماعة صارت تنظم مهرجان خاص بها، والواضح أن هذه المسالة تحيل بشكل أو بآخر في نفسية الجماهير أن لكل جماعة تراثها الخاص، وهذا الأمر خاطئ، بل محفز على نشر الحقد والكراهية، وعامل في جعل التراث يفقد قيمته ومعانيه، ويحول الاختلافات إلى خلافات تحول دون إمكانيات  الوحدة. وهذه المسألة تحتاج التفصيل أكثر وقراءة وبحوث في هذا الإقليم خاصة.

لم يتم الإعلان عن الشراكات المتداخلة في هذه التظاهرة، “مهرجان الامل” يظهر من خلال توقيته وسياقه أنها سقطت فجأة من السماء.

فهل نكون يا ترى أمام حملة انتخابية سابقة لأوانها؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى