بين الرقمنة والتسويف.. المجلس الجماعي لمدينة مراكش

عبد الفتاح الخوداري
بتاريخ 24 نونبر 2024، تقدمت بشكاية رقم 4477623 عبر بوابة “شكايتي”، أبلغت من خلالها عن تجاوزات حارس موقف السيارات بباب إغلي، الذي فرض تعريفة نهارية تجاوزت 2 دراهم، متحديًا بصلافة القانون والمذكرة التنظيمية الصادرة عن المجلس الجماعي.
مرّت الأيام، وتتابعت الأسابيع، بينما ظللت آمل أن تقف الإدارة وقفة جادة وتواجه هذا الخرق بحزم. ولكن الرد لم يأتِ إلا بتاريخ 16 يناير 2025، بعد أكثر من خمسين يومًا من الانتظار الطويل، وجاء الرد باردًا كرياح الشتاء الثقيلة، محمّلًا فقط بالكلمات الفارغة: “لقد أحلنا شكواكم إلى مصلحة أخرى، وسيتم موافاتكم حالما يجد جديد”.
بوابة “شكايتي”، التي جرى الترويج لها كوسيلة حضارية لجسر الهوة بين المواطن والإدارة، بدت في هذه الواقعة كواجهة تجميلية تخفي وراءها واقعًا مترهلًا من التراخي الإداري. ففي انتظار الردود ومتابعة الشكايات، برزت هشاشة النظام الرقمي حين يُدار بعقلية بيروقراطية جامدة تتسم بالتردد والتماطل.
فهل يمكن أن تنجح الرقمنة في تحقيق العدالة إن لم تُقترن بإرادة صادقة ومسؤولية حقيقية؟ كيف تتحول شكاية واضحة وصريحة إلى كرة تتقاذفها المكاتب دون أن تجد حسمًا؟
كان الرد الصادر عن المجلس الجماعي لمراكش انعكاسًا لفشل عميق في إدارة الشكايات والتواصل مع المواطنين. لم يتجاوز الرد حدود الشكليات البيروقراطية التي تعيد إنتاج نفس الدوامة التي أرهقت المواطن المراكشي لعقود. فلا تحقيقات فتحت، ولا حلول اتخذت.
في مدينة مراكش، التي تحمل عبق التاريخ وترنو إلى آفاق التقدم، كان يُفترض أن يُظهر المجلس الجماعي جدية ومسؤولية. كان عليه أن يفتح تحقيقًا فوريًا في التجاوزات، ويتخذ إجراءات صارمة بحق المخالفين، وأن يُعلمني، كمواطن، بكل خطوة تُتخذ بوضوح وشفافية.
كان يجب أن يتجاوز الرد حدود الكلمات ليُترجم إلى أفعال ملموسة.
إن هذه الواقعة ليست إلا مثالًا بسيطًا يعكس أزمة أعمق، أزمة ثقة بين المواطن والإدارة. الرقمنة وحدها لا تكفي، بل نحتاج إلى إدارة تتنفس المسؤولية، وتضع نصب عينيها كرامة المواطن ومصالحه.