الإدارة في منزل ضيق: حكاية الملحقة الإدارية بتسلطانت”

في أحد زوايا دوار كوكو، تقف الملحقة الإدارية تسلطانت شاهدةً على جدلية الإصلاح والتحدي. منزل بسيط ضيّق، كانت نوافذه يومًا تطل على أحلام الأسر التي سكنته، تحول اليوم إلى مركز إداري يُفترض أن يعكس روح القانون رقم 55.19، الذي يمثل إحدى الركائز الكبرى لتحديث الإدارة العمومية في المغرب. هذا القانون، الذي أُقر في عام 2020، وضع حجر الأساس لتبسيط المساطر الإدارية وتعزيز الثقة بين المواطنين والإدارة، لكن هذا التحول لا يكتمل دون مواءمة الواقع مع الطموحات
في الداخل، تضيق الجدران بالمكاتب، والمساحات بالكاد تتسع للموظفين الذين يكدّون لخدمة المرتفقين. السلالم الضيقة تئن تحت أقدام الزائرين، والهواء بالكاد يجد طريقه بين الطوابق. وسط هذه الظروف، تُعقد الآمال على جهود وزارة الداخلية التي تستثمر في تأطير الموظفين، عبر برامج تكوينية تهدف إلى تعزيز الكفاءة وضمان تطبيق القوانين بفعالية.
لكن هنا، في تسلطانت، تُبرز البنية التحتية المتدهورة حدود تلك الجهود. البيئة الحالية لا تلائم الاحتياجات اليومية، وتؤثر سلبًا على جودة الخدمات وصحة العاملين والمرتفقين. وفي ظل هذه التحديات، يرتفع صوت سكان تسلطانت مطالبين بمقر إداري جديد يستجيب لمعايير بيئة العمل المريحة، ويفتح أبوابه لجميع المرتفقين، بما فيهم ذوو الاحتياجات الخاصة، ليكون نموذجًا للإدارة العصرية التي يسعى المغرب إلى تحقيقها.
هذه الحكاية لا تقتصر على تسلطانت فحسب، بل هي مرآة لقضايا مشابهة في ربوع البلاد. وهي تذكير بأن الإصلاح الإداري، رغم أهميته التشريعية والتنظيمية، يظل محتاجًا إلى إرادة تتجسد في البنية التحتية الملائمة التي تجعل من كل ملحقة إدارية فضاءً يليق بخدمة الوطن والمواطنين.
عبد الفتاح الخوداري