دراسة جديدة تربط بين تناول كميات كبيرة من الكافيين ومخاطر على القلب

كشفت دراسة جديدة أن تناول كميات كبيرة من الكافيين – أكثر من 400 ملليغرام يوميًا، أي ما يعادل فنجانًا كبيرًا من القهوة – قد يزيد بشكل كبير من خطر الإصابة بأمراض القلب، حتى لدى الأفراد الأصحاء.

 

وقد تم تقديم هذه الأبحاث في مؤتمر الكلية الأمريكية لأمراض القلب في دلهي، الهند، وحذرت من أن تناول الكافيين عند هذه المستويات قد يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم وزيادة معدل ضربات القلب، مما يعرض صحة القلب على المدى الطويل للخطر.

 

تناول مفرط للكافيين مرتبط بمخاطر قلبية خطيرة

 

قاد الدراسة نينسي كاغاثارا من كلية زيدوس الطبية والمستشفى، حيث قامت بفحص تأثيرات استهلاك الكافيين العالي على صحة القلب والأوعية الدموية لدى مجموعة من 92 بالغًا صحيًا تتراوح أعمارهم بين 18 و45 عامًا. على الرغم من أن المشاركين بدأوا الدراسة بضغط دم طبيعي، فإن أولئك الذين تناولوا أكثر من الحد اليومي الموصى به من 400 ملليغرام من الكافيين أظهروا زيادة في معدل ضربات القلب ومستويات ضغط الدم بعد القيام بتمرين بسيط.

 

خضع المشاركون لاختبار تمرين بسيط لمدة ثلاث دقائق، حيث تمت مراقبة معدلات ضربات القلب وضغط الدم لديهم عن كثب. أولئك الذين تناولوا أكثر من 600 ملليغرام من الكافيين يوميًا – ما يعادل تقريبًا ستة أكواب من القهوة أو مشروبين كبيرين من مشروبات الطاقة – شهدوا زيادة ملحوظة في الجهد القلبي حتى بعد خمس دقائق من الراحة. تشير هذه النتائج إلى أن تناول الكافيين بكميات عالية على مدى فترة طويلة يمكن أن يؤدي إلى أضرار قلبية وعائية مزمنة، بغض النظر عن الحالة الصحية الأولية للفرد.

 

صرحت كاغاثارا: “يمكن أن يؤدي تناول الكافيين بشكل منتظم إلى اضطراب النظام العصبي السمبتاوي، مما يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم وزيادة معدل ضربات القلب”. هذا الاضطراب الفسيولوجي مثير للقلق بشكل خاص لأنه يمكن أن يساهم في الإصابة بارتفاع ضغط الدم، وهو سبب رئيسي لأمراض الشرايين التاجية، وفشل القلب، وأمراض الكلى.

 

ما هو القدر الكافي؟ إعادة التفكير في الحدود الآمنة لتناول الكافيين

 

على مدى سنوات، كانت الوكالات التنظيمية مثل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) تؤكد أن تناول 400 ملليغرام من الكافيين يوميًا آمن بشكل عام للبالغين الأصحاء. ومع ذلك، فإن دراسة كاغاثارا تتحدى هذه التوصية، حيث أظهرت أن حتى أولئك الذين ظلوا ضمن هذا الحد تعرضوا لزيادة ملحوظة في الإجهاد القلبي الوعائي. وكانت النساء العاملات في مجال الأعمال والإدارة في المدن هن الأكثر استهلاكًا للكافيين يوميًا، حيث تناول بعضهن أكثر من 600 ملليغرام يوميًا. واجهت هؤلاء النساء زيادات كبيرة في معدل ضربات القلب وضغط الدم بعد إكمال اختبار التمرين.

 

تثير هذه الأدلة الجديدة أسئلة مهمة حول كيفية تأثير الكافيين على الجهاز العصبي المستقل على المدى الطويل. وشددت كاغاثارا على أن “تناول الكافيين بشكل منتظم يمكن أن يعرض الأفراد الأصحاء لخطر الإصابة بارتفاع ضغط الدم وأحداث قلبية وعائية أخرى بسبب تأثيره على الجهاز العصبي المستقل”.

 

تشير هذه النتائج إلى أن حساسية الكافيين تختلف من شخص لآخر، وما قد يبدو كمية آمنة لفرد معين يمكن أن يشكل مخاطر صحية خطيرة لفرد آخر. توصي عيادة مايو ومنظمات صحية أخرى الأفراد بمراقبة تناولهم للكافيين بعناية، خاصة إذا كانوا يستهلكون العديد من المشروبات التي تحتوي على الكافيين يوميًا.

 

المخاطر الخفية لارتفاع ضغط الدم: التأثيرات طويلة المدى على صحة القلب

 

يُعرف ارتفاع ضغط الدم، المعروف أيضًا باسم ضغط الدم المرتفع، بأنه حالة تتطور تدريجيًا ويمكن أن تكون لها عواقب وخيمة إذا لم تُعالج. يؤدي ارتفاع ضغط الدم المزمن إلى إضعاف القلب مع مرور الوقت، مما يعرض الأفراد لخطر متزايد لمجموعة من المشكلات القلبية الوعائية، بما في ذلك النوبات القلبية، والسكتات الدماغية، وفشل القلب. وفقًا لجمعية القلب الأمريكية، يُعد ارتفاع ضغط الدم أحد الأسباب الرئيسية للوفيات في جميع أنحاء العالم.

 

تسلط دراسة كاغاثارا الضوء على العلاقة المباشرة بين استهلاك الكافيين وزيادة ضغط الدم، خاصة بين الأفراد الذين يستهلكون بانتظام كميات كبيرة من المشروبات التي تحتوي على الكافيين. يلعب الهرمونان النورأدرينالين والأدرينالين، اللذان يتم تحفيزهما بواسطة الكافيين، دورًا رئيسيًا في زيادة معدل ضربات القلب وضغط الدم، مما يزيد من الإجهاد على الجهاز القلبي الوعائي. مع مرور الوقت، يمكن أن يؤدي هذا الضغط المرتفع إلى تلف الأوعية الدموية وتقليل قدرة القلب على العمل بكفاءة.

 

وصف الدكتور بنجامين هيرش، مدير قسم طب القلب الوقائي في مستشفى نورث شور الجامعي، نتائج الدراسة بأنها “مقنعة”. وحذر من أن تناول الكافيين بكميات زائدة قد يكون خطرًا خفيًا للعديد من الأفراد. وقال: “يجب أن تكون هذه الدراسة دافعًا للناس للوعي بأن الإفراط في تناول القهوة يمكن أن يشكل خطرًا على القلب مع مرور الوقت، مما يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم وعدم انتظام ضربات القلب”.

 

مفارقة الكافيين: الفوائد مقابل المخاطر

 

في حين أن هذه الدراسة تسلط الضوء على مخاطر تناول الكافيين بشكل مفرط، من المهم أن نلاحظ أن للكافيين فوائد موثقة جيدًا أيضًا. يمكن للكافيين أن يرفع من المزاج، ويعزز التركيز، ويحسن الإنتاجية. بالإضافة إلى ذلك، تشير بعض الدراسات إلى أن الكافيين قد يقلل من خطر بعض أنواع السرطان ويقلل من احتمالية الوفاة المبكرة في بعض الفئات.

 

ومع ذلك، فإن التأثيرات السلبية للكافيين على القلب والأوعية الدموية قد تفوق هذه الفوائد، خاصة لأولئك الذين لديهم استعداد لأمراض القلب أو ارتفاع ضغط الدم. تشكل هذه المفارقة تحديًا للمستهلكين الذين يعتمدون على الكافيين لفوائده الفورية، ولكنهم قد يكونون غير مدركين لمخاطره طويلة الأمد.

 

حماية قلبك: كيفية موازنة استهلاك الكافيين والصحة

 

تشدد نتائج هذه الدراسة على ضرورة أن يكون الأفراد أكثر وعيًا بكمية الكافيين التي يتناولونها يوميًا. بينما يُعد الاعتدال هو المفتاح، يجب على أولئك الذين يستهلكون كميات كبيرة من القهوة، الشاي، مشروبات الطاقة، أو المشروبات الغازية التي تحتوي على الكافيين اتخاذ خطوات لتقليل المخاطر المحتملة على صحة قلبهم.

 

يوصي الخبراء بموازنة استهلاك الكافيين مع ممارسة التمارين الرياضية بانتظام، واتباع نظام غذائي غني بالمغذيات، وتقنيات إدارة التوتر للحد من خطر الإصابة بارتفاع ضغط الدم. بالنسبة للأفراد الذين لا يستطيعون تقليل تناولهم للكافيين من خلال تغييرات في نمط الحياة، قد يكون من الضروري تناول الأدوية للتحكم في ارتفاع ضغط الدم.

 

واختتم الدكتور هيرش قائلاً: “الاعتماد المفرط على الكافيين قد يساعد في تحسين الإنتاجية، لكن الصحة يجب أن تكون دائمًا في المقدمة”. وكما تكشف هذه الدراسة، فإن الوعي بتأثير الكافيين على القلب أمر بالغ الأهمية للحفاظ على صحة القلب على المدى الطويل.”