بوحمرون في المغرب.. غياب الوعي الصحي أم نقص في التطعيمات؟

انتشرت في الآونة الاخيرة اخبار حالات الإصابة بمرض الحصبة أو بوحمرون، في العديد من المناطق بالمملكة، شملت الأطفال الصغار وكذا الكبار، بل قد تم تسجيل وفيات ناجمة هذا المرض.
انتشار بوحمرون بجماعة تيغديون
وشهدت منطقة تغدوين وفاة شابة بعد أيام من ظهور أعراض المرض على جسمها، وهي الحالة الثانية بذات الجماعة الترابية التي توفيت بسبب بوحمرون في الآونة الأخيرة، أخذت العدوى من ابنها الصغير الذي أصيب في البداية، حسب تصريح أحد أفراد عائلتها للزملاء بـ فلاش أنفو”، وقد استطاع الإبن تجاوز الأزمة الصحية في أقل من أسبوعين، غير أنه نقل العدوى إلى والدته.
تدهورت حالة الأم الشابة رغم الفحوص الطبية التي أجرتها والادوية التي أوصى بها الأطباء، خلال أكثر من زيارة، التي أكد فيها الطبيب أن الشابة مصابة مرض بوحمرون.
وانتشر مرض بوحمرون في أغلب دواوير جماعة تيغدوين، منذ أشهر قليلة، وسط غياب أية مبادرة من السلطات الصحية لمحاصرة المرض، في هذه الجماعة على الأقل.
على صعيد آخر، نظمت قبل أيام، قوافل طبية محدودة، من قبل السلطات المحلية، للتلقيح ضد “بوحمرون”، كتلك التي وصلت دواوير أمسكار نوقا اماسين أكرموكزن، بجماعة إغيل نومكون.
وفاة ثلاثة أطفال بإقليم الرشيدية
بعيدا عن منطقة الحوز باتجاه إقليم الراشيدية، شهدت قرية أخيت التابعة لجماعة ملعب، وفاة ثلاثة أطفال أطفال يبلغون من العمر أربع سنوات، عشر سنوات و12 سنة، بسبب تداعيات بوحمرون.
وحسب المعطيات التي توصلت بها موجز 24، فإن أحد الأطفال توفي بمستشفى مولاي علي الشريف وتاكد ان السبب هو بوحمرون، بينما توفي الإثنان الآخران دون عرضهم على التشخيص الطبي، فيما يؤكد أبناء القرية أن أعراض الحصبة قد ظهرت عليهم قبل وفاتهم.
الوضع كان قد خلق رعبا في المنطقة حسب من تواصلت معهم الصحيفة من أبناء الدوار، غير أن تنظيم حملات طبية للتلقيح ضد داء الحصبة، مكن من إعادة الهدوء إلى نفوس السكان.
الحصبة أو بوحمرون.. ما هي وكيف تنتقل
الحصبة، أو “بوحمرون”، هو مرض فيروسي شديد العدوى ينتقل بسرعة بين الأفراد، خصوصًا الأطفال الرضع، رغم إمكانية انتقاله للكبار. ويتميز المرض بانتشاره عن طريق الرذاذ المتطاير من الفم أو الأنف أثناء السعال أو التنفس، مما يجعله واحدًا من أكثر الأمراض الفيروسية عدوى.
وينتمي الفيروس المسؤول عن الحصبة إلى عائلة الفيروسات المخاطية، وهو لا ينتقل عبر الحيوانات، بل يقتصر انتقاله بين البشر فقط. ويتراوح فترة حضانة الفيروس بين 6 إلى 10 أيام، وخلال هذه الفترة لا تظهر الأعراض على المصاب. وتبدأ الأعراض في الظهور بعد هذه الفترة، وتشمل ارتفاع درجة الحرارة التي قد تتجاوز 40 درجة مئوية، سيلان الأنف، السعال، التهاب الأغشية المخاطية للعين، وظهور طفح جلدي مميز.
يبدأ الطفح الجلدي عادةً على الوجه والعنق قبل أن ينتشر إلى بقية الجسم، بما في ذلك الصدر والأطراف. ويمكن أن تؤدي الحصبة إلى مضاعفات خطيرة مثل التهاب الأذن الوسطى والالتهاب الرئوي، وفي بعض الحالات النادرة، التهاب الدماغ الذي يؤثر على الجهاز العصبي.
لا علاج سوى التلقيح
وبالنسبة للعلاج، لا يوجد علاج محدد للحصبة نفسها، وإنما يركز العلاج على تخفيف الأعراض، مثل استخدام خافضات الحرارة والمضادات الحيوية في حالة الإصابة بالتهابات بكتيرية ثانوية. وينصح الأطباء بتناول مكملات فيتامين A للأطفال المصابين لتعزيز جهاز المناعة.
وأكد الأخصائي أن التطعيم ضد الحصبة يعد الوسيلة الأكثر فعالية للوقاية من المرض. حيث يُوصى بتلقي الجرعة الأولى من اللقاح ما بين 12 و15 شهرًا، تليها جرعة ثانية بين 4 و6 سنوات. وأظهرت الدراسات أن التطعيم يوفر حماية بنسبة تصل إلى 98%، وعلى الرغم من وجود بعض الحالات النادرة التي قد يصاب فيها الأفراد بالمرض حتى بعد التطعيم، إلا أن الأعراض تكون أخف بكثير مقارنة بغير المطعمين.
الوقاية تبدأ بالوعي
يوصي الاخصائيون بضرورة نشر الوعي حول أهمية التطعيم، خاصة في ظل وجود حركات معارضة للتلقيح. على اعتبار أنه السبيل الأمثل للحد من انتشار المرض ومنع تفشيه.
كما يؤكد الاخصائيون على أهمية اتباع سبل النظافة الشخصية لمنع انتقال العدوى، مثل غسل اليدين بشكل متكرر والتخلص من المناديل الورقية المستخدمة في الأماكن المخصصة لها.
التشكيك ونظرية المؤامرة
أدى انتشار موجة التشكيك في جدوى التطعيمات، عبر العالم، خاصة عبر تدوينات عبر مواقع التواصل الإجتماعي، لا تستند لأي أساس علمي، إلى عزوف العديد من الأشخاص على أخذ اللقاحات الخاصة بعدد من الأمراض، التي أوصت منظمة الصحة العالمية بها.
نتج عن ذلك عودة العديد من الأمراض التي كاد العالم يتخلص منها، إلى عهد قريب، بل وصل الأمر في 2019 إلى إعلان عدد من البلدان حالة الطوارئ، بعد تفشي مرض الحصبة. وقال المسؤولون إن أكثر المصابين من الأطفال الذين لم يُلقحوا ضد المرض.
ولعب الارتباك الذي حصل إبان جائحة كورونا دورا كبيرا في كل ما ذكرناه سابقا، بالإضافة إلى هذا، كانت طريقة تعامل حكومات العالم مع اللقاحات التي تم إنتاجها بسرعة، والتي اتفق الجميع على أن الأشواط التي قطعتها قبل وضعها بجسم الإنسان، دور فعال في هذا النفور من اللقاحات، حيث أجبرت السلطات المواطنين على أخذ الجرعات المتتالية، وظهور أعراض جانبية خطيرة على عدد من المواطنين، بل ووفايات، سواء بالمغرب أو باقي دول العالم، زيادة على اتهام بعض الشركات المنتجة لهذه للقاحات بالتلاعب بها.
كل ذلك أدى إلى تنامي الشكوك حول نية الحكومات، وعودة نظرية المؤامرة الى الطفو على السطح، الأمر الذي دفع العديد من المواطنين إلى اتخاذ القرار بعدم تطعيم أبنائهم.