موجز الثقافة والفن

بين الهدم والحفاظ.. وضعية الموروث الثقافي في حي جليز بمراكش

جدل حول بدء هدم بناية تراثية بجليز

أثارت الأنباء حول بدء مالك بناية كولونيالية بجليز، عملية الهدم من أجل إنشاء مشروع جديد، جدلا واسعا في الشارع المراكشي خلال اليومين الماضيين، خاصة بين المهتمين بالتراث الثقافي الكولونيالي بمراكش.

البناية المعروفة بـ”ڤيلا لوسيين”، هي إحدى البنايات التي تعود إلى الحقبة الكولونيالية، وتقع الفيلا عند ملتقى زنقة الباشا وشارع يعقوب المنصور، وقد بدأت عمليات الهدم على الرغم من انطلاق إجراءات تصنيفها كمبنى تراثي.

هذا الوضع أثار ردود فعل غاضبة من قبل المهتمين بالتراث المعماري للمدينة، الذين يرون في ذلك تحديًا صارخًا لقوانين حماية التراث.

هذا الجدل دفع السلطات المحلية بمراكش، للتحرك اتجاه إنقاذ البناية، حيث تم سحب كافة التراخيص الممنوحة له، وفق ما ذكرته مصادر إعلامية محلية، في انتظار تشكيل لجنة مختلطة لإعادة تقييم البناية وتصنيفها. ويرى مهتمون بالتراث في المدينة، أنه مع بلوغ نسبة الهدم 80%، يبدو أن مستقبل هذه الفيلا كرمز تاريخي بات في خطر، على الرغم من الجهود المبذولة لإنقاذ ما تبقى منها.

أخبار عن بداية هدم سينما بالاس الشهر الماضي

حادث هدم “ڤيلا لوسيين” كان الإصدار الأخير من سلسلة إقبار الموروث العمراني في المدينة حسب المتتبعين للوضع، فقبل أقل من شهرين كانت قد انتشرت أنباء عن عزم مالك سينما بالاس، إحدى المعالم التاريخية التي تعود للحقبة الكولونيالية القليلة المتبقية في المدينة، عزمه هدمها هي الأخرى، وهو الأمر الذي لم يتم لحد الآن، إما لكون الخبر زائفا، أو أن تحركات الفعاليات المدافعة عن هذا التراث قد أجبرت المالك على التراجع عن عزمه.

“سينما بالاس”، وهي واحدة من أقدم قاعات السينما في المدينة، والتي كانت تعتبر جزءًا من التراث الثقافي المدينة، وقد كانت رمزًا للحياة الثقافية في جليز.

عمليات الهدم هذه تأتي في سياق سلسلة من التغييرات العمرانية التي يشهدها حي جليز، حيث تُبنى عمارات عصرية على أنقاض مبانٍ تاريخية. وهذا التحول العمراني أدى إلى تآكل الهوية المعمارية الكولونيالية للحي، ما أثار حفيظة المجتمع المدني والهيئات المهتمة بالتراث.

دور المجلس الجماعي والسلطات الولائية في حماية التراث

بين ضغوط  الاستثمار العقاري، والمطالبة بحماية التراث الثقافي للمدينة، تواجه السلطات المحلية تحديات لا يمكن تجاوزها إلا بتحديد الأولويات، وهي واضحة بالنسبة للمدافعين على التراث، وهي تحول هذه البنايات إلى مشاريع تتلاءم مع طبيعتها التراثية، وهو الأمر الذي لا يبدو أن المستثمر في العقار سيستوعبه بسهولة.

في هذا السياق تدخلت فاطمة الزهراء المنصوري، رئيسة المجلس الجماعي لمراكش، حيث أصدرت قرارا بمنع مالك “ڤيلا لوسيين” من هدمها، مقابل تعويض لحيازة المبنى، بغية الحفاظ على السور التاريخي وتشييد متحف للعيش المشترك على أنقاض الفيلا.

وبالرغم من استحسان المتتبعين لمثل هذه القرارات، إلا ان التحدي الحقيقي، هي تنزيل سياسات واضحة وصارمة من أجل حماية التراث الكولونيالي، والذي ينتظر الجزء الأكبر منه إدراجه في قائمة التراث الوطني.

جهود المجتمع المدني

وراء هذه التحركات تبرز جهود المجتمع المدني المتمثلة في فعاليات ثقافية ومهندسين معماريين وعمرانيين مهتمين بالتراث المعماري بمراكش، هؤلاء كانوا وراء تحريك العديد من الملفات المتعلقة بالبنايات التاريخية بحي جيليز.

وعملت هذه الهيئات على توثيق مختلف البنيات، وتقديم ملفاتها للجهات المعنية، من أجل تسجيلها ضمن لائحة التراث الوطني، ونظمت عدد من الفعاليات للتحسيس باهمية هذا الموروث، والحيلولة دون إنهائه، داعين إلى وقف الهدم العشوائي للمباني التاريخية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى