الموجز الوطني

صحيفة اسبانية: المغرب يحد من توسع إيران في أفريقيا

مارجريتا أريدونداس – صحفية أتلايار

لطالما سعت إيران إلى توسيع نفوذها في أفريقيا، وعززت وجودها في القارة من خلال انتشار المذهب الشيعي والمشاريع التجارية والاقتصادية. لكن جهود طهران وطموحاتها تصطدم بالحضور التاريخي والثقافي والديني والتجاري للمغرب في إفريقيا.

ولهذا السبب فإن المملكة هي الدولة الإقليمية الرئيسية القادرة على مواجهة النفوذ الإيراني والحد من توسعه. وتعتبر الرباط مرجعا روحيا لمختلف الحركات الصوفية في القارة، حيث يتواجد أئمتها بالفعل. ويعد المغرب أيضًا مكانًا للقاء منتظم لمختلف الزعماء السياسيين والدينيين والقبليين من جميع أنحاء منطقة الساحل.

على سبيل المثال، يتم تنظيم الملتقى العالمي لأعضاء الطرق الصوفية سنويا في المملكة بمشاركة 50 دولة تحت رعاية العاهل المغربي الملك محمد السادس. ويقام الحدث في أحد المزارات الصوفية الرئيسية – سيدي شكر – بالقرب من مدينة مراكش.

وترتبط العديد من الزوايا الصوفية في أفريقيا بالمراكز الصوفية في المغرب. على سبيل المثال، تعقد الزاوية التيجانية في السنغال تجمعات دينية على الطراز المغربي وتحيي ذكرى وفاة ملوك مغاربة، مما يشير إلى الارتباط الوثيق بين هذه الزوايا في إفريقيا والمغرب.

مبادرة أفريقيا الأطلسية تعزز النفوذ المغربي

ويرى المحللون أن انتشار الثقافة الصوفية سيجعل من الصعب التبشير بالمذهب الشيعي كحركة سياسية، وهو هدف إيران في أفريقيا. محمد الطيار، باحث مغربي في الدراسات الأمنية والاستراتيجية، يقول لـ”العرب” إن “إيران حاولت توسيع نفوذها الطائفي في دول غرب إفريقيا وفي دول الساحل وشمال إفريقيا، لكنها اصطدمت بالجذور الصوفية المغربية”. ويضيف أن المرجعية الدينية المغربية القديمة تشكل عائقا أمام توسع المذهب الشيعي الإيراني.

ويرى الطيار أنه من الناحية الأيديولوجية، “لا تستطيع إيران مواكبة المغرب الذي جدد علاقاته مع الطرق الصوفية في أفريقيا، ويعمل على تدريب الأئمة والمرشدين الأفارقة في المعاهد الدينية الوطنية من خلال مؤسسة محمد السادس لعلماء أفريقيا”.

ومن ناحية أخرى، أدت مبادرة أفريقيا الأطلسية التي أعلنها العاهل المغربي، وكذلك شبكة العلاقات الاقتصادية مع العديد من الدول، إلى زيادة النفوذ المغربي اقتصاديا وسياسيا، مما أضعف القوة الإيرانية بنفس الطريقة التي أضعفت بها الهيمنة الجزائرية من قبل.

وأعلن المغرب في سبتمبر الماضي عن استعداده لتطوير “البنى التحتية للموانئ والسكك الحديدية” تحت تصرف دول الساحل غير الساحلية، مالي وبوركينا فاسو والنيجر وتشاد. علاوة على ذلك، أعلنت الدول الثلاث الأولى انسحابها من المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) في نهاية يناير/كانون الثاني عقب الانقلابات.

استراتيجية إيران في أفريقيا

من جهته، زار الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي كينيا وأوغندا وزيمبابوي في يوليو الماضي، وهي الدول التي وعد بالتوصل معها إلى اتفاقيات في مجال الطاقة، رغم أنه لم يعلن عن أي مشاريع واضحة. وإذا تم التوقيع على هذه الاتفاقيات، فمن الصعب تنفيذها بسبب العقوبات الأميركية.

وهذا يسلط الضوء على كيفية محاولة إيران الدخول إلى أفريقيا، مستفيدة من الشبكات التي تمكنت من إنشائها في بعض الدول الأفريقية المهمة مثل نيجيريا، وكذلك الشبكات التي أنشأها حليفها حزب الله داخل الجالية اللبنانية في أفريقيا.

وتسعى طهران إلى بناء شراكات اقتصادية، مهما كانت محدودة، للبدء في تعزيز وجودها في القارة. وبعد هذا التعاون الاقتصادي، يمكن لطهران أن تستمر في التوسع من خلال إنشاء الميليشيات وتدريبها وتزويدها بالأسلحة، كما فعلت في الشرق الأوسط مع حزب الله وحماس والحوثيين في اليمن والميليشيات الموالية لإيران في العراق وسوريا.

وبالإضافة إلى التعاون الاقتصادي، وقعت طهران في أكتوبر الماضي سلسلة من اتفاقيات الشراكة مع بوركينا فاسو في مجالات الطاقة والتخطيط الحضري والتعليم العالي والبناء.

وبالمثل، أعلنت طهران -التي تنتج أيضا طائرات مقاتلة بدون طيار- في نهاية ينايرالماضي، إنشاء جامعتين في مالي، فضلا عن توقيع سلسلة من اتفاقيات التعاون.

تركيا وروسيا، لاعبين رئيسيين آخرين في أفريقيا

إن كل تحركات إيران في أفريقيا ترتكز على سياسة تتميز باللغة الثورية ومنطق العالم الثالث المناهض للإمبريالية. ومع ذلك، فإن العديد من الاتفاقيات التي يوقعونها غير ناجحة ويصطدم نفوذها، في حالة غرب أو وسط أفريقيا، مع تركيا، وهي دولة أخرى ضاعفت وجودها في القارة.

وقدمت أنقرة طائرات مقاتلة ومروحيات لدول مثل مالي وبوركينا فاسو لمحاربة الجماعات الجهادية، ووضعت نفسها كبديل لأوروبا وروسيا، وهي دولة أخرى تتوسع في المنطقة للاستفادة من انسحاب فرنسا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى