الموجز الوطني

مسيرات “فكيك” .. ثلاثة أشهر من الإحتقان بين قرار رفضته الساكنة وتجاهلته السلطات

سامي صبير |

تستمر المسيرات الاحتجاجية تجوب شوارع مدينة فكيك بجهة الشرق، لرفض قرار المجلس الجماعي القاضي بتفويت الماء الشروب لمجموعة الشرق لتوزيع الماء والكهرباء والتطهير السائل (شركة مجهولة الإسم)، وذلك بعدما تم تفويته في معظم جماعات الإقليم الـ13 في إطار إحداث الشركات الجهوية متعددة الخدمات، وهو القرار الذي اعتبرته الساكنة لا يصب في مصلحتها على إعتبار أن الماء حق مشترك.

كيف كان الوضع من قبل؟

رفض قرار التفويت لم يكن وليد الأمس بل تعود بداياته إلى أكثر من ثلاثة أشهر، ويقول كبوري الصديق، عضو الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، في تصريح لجريدة موجز24 الإلكترونية، أن “قطاع الماء الشروب كان يتم تدبيره في مدينة فجيج من طرف الجماعة الترابية (المجلس البلدي بفجيج سابقا)، وهو ما كان يحسب للمجالس الجماعية السابقة كونها رفضت تفويت تدبير قطاع الماء”، مضيفا في ذات السياق أنه كان “ينظر إلى هذا الأمر بنوع من الاعتزاز خاصة أن مدينة فجيج كانت تشكل الاستثناء بالنسبة لباقي الجماعات الترابية ال13 بإقليم فجيج، حيث تم تفويت تدبير الماء في جلها ماعدا جماعة فجيج، حيث كان الرفض يتأسس على كون الماء حق وليس سلعة، ويندرج في إطار الملك العام المشترك الغير قابل للخوصصة”.

ويضيف كبوري، أنه “في 26 أكتوبر 2023 وبطلب من السلطة الإقليمية (عامل إقليم فجيج)، عقد المجلس البلدي دورة استثنائية لمناقشة نقطة فريدة وهي انضمام المجلس لمجموعة الشرق لتوزيع الماء والكهرباء والتطهير السائل (شركة مجهولة الإسم)، حيث رفض المجلس الجماعي بالاجماع قرار التفويت، إلا أن هذا القرار الديموقراطي لم يعجب جهات معينة، بحيث لم تمر سوى أربعة أيام حتى دعت سلطة الوصاية المجلس الجماعي بفجيج لعقد دورة استثنائية ثانية لمراجعة قرار الرفض. وهكذا كان، فقد عقد المجلس الجماعي بفجيج دورة استثنائية ثانية يوم 31 أكتوبر 2023 لمناقشة مسألة تفويت قطاع الماء لمجموعة الشرق من جديد، وهذه المرة بعد أن صوت 9 أعضاء لصالح التفويت بينما صوت 8 أعضاء على قرار الرفض، وبذلك تم تمرير اتفاقية تفويت تدبير قطاع الماء لصالح شركة الشرق للتوزيع”.

قرار رفضته الساكنة وتجاهلته السلطات

من احتجاجات فكيك

بالنسبة إلى ساكنة جماعة فكيك يقول كبوري، “إن سكان مدينة فجيج يرفضون قرار التفويت، ويجسدون هذا الرفض ميدانيا، من خلال الإضرابات العامة والمسيرات والمظاهرات الاحتجاجية أمام مقر الجماعة وفي بعض الساحات العمومية، والتي بدأت منذ فاتح نونبر من السنة الماضية، وهو تاريخ صدور القرار، وذلك في إطار التنسيقية المحلية للترافع عن قضايا مدينة فجيج، و التعبير عن توجسهم من ارتفاع تسعيرة الفواتير وتأثيرها على القدرة الشرائية للساكنة المنهوكة أصلا”.

مؤكدا على أنه في الآونة الأخيرة بدأت تتزايد وتيرة الاحتجاجات بمعدل شكلين في الأسبوع (يوم الثلاثاء ويوم الجمعة). وذلك ما جسدته نساء المنطقة من خلال تنظيم مسيرة بالأزياء التقليدية المحلية ( الحايك الأبيض واللثام)، يوم أمس الجمعة 26 يناير الجاري.

مشيرا إلى أن الحراك قد بلغ “مرحلة حاسمة تتمثل في مقاطعة أداء فواتير الماء، وهو ما يقتضي التراجع عن قرار التفويت غير الديموقراطي، والانصات إلى نبض المجتمع عبر ممثليه الحقيقيين. ما عدا ذلك فإن الوضع مرشح للمزيد من الاحتقان، وهو ما يهدد الاستقرار، ويخدش صورة بلدنا.”

وسجل الفاعل الحقوقي، أنه “بالنسبة لموقف السلطات، فأنها لحد الآن تتجاهل مطالب الساكنة، مقابل تشبث المواطنات والمواطنين باحترام قراراتهم التي عبر عنها المجلس في تصويته الأول، وفي المقابل يطالبون بإصلاح الشبكة وتقويتها، وتوفير الموارد البشرية الكافية عوض تفويت القطاع”.

مدينة “جريحة”

في سنة 2004 صنفت هيئة الإنصاف والمصالحة مدينة فكيك من بين المناطق المعنية ببرامج جبر الضرر الجماعي، وذلك لما كانت قد شهدته من انتهاكات لحقوق الإنسان سنة 1973، وبعد مرور عشرون سنة على هذا القرار السياسي، يقول كبوري الصديق، عضو الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، “مازالت تعاني المنطقة كما في السابق، فمشاريع جبر الضرر التي خصصت للمنطقة كانت محدودة جدا ولا تلبي الانتظارات الكبيرة التي تراكمت خلال عقود من التهميش والإقصاء. لذلك فمطلب المصالحة يستوجب اعتماد مقاربة ديمقراطية والانكباب على المطالب الملحة ومنها احترام إرادة السكان والإبقاء على تدبير قطاع الماء الشروب من طرف المجلس الجماعي بفجيج، وتعويض السكان عن أراضيهم التي سلبت منهم على اثر اتفاقية ترسيم الحدود بين المغرب والجزائر سنة 1972، وعلى إثر ضم منطقة العرجة سنة 2021، بالإضافة إلى النهوض بالحق في الصحة عبر إنهاء المستشفى الذي طال انتظاره ( منذ عهد ياسمينة بادو)، والتخفيف من معاناة تنقل المرضى إلى بوعرفة ( 108 كلم) أو إلى وجدة ( 368 كلم)، واستفادة المنطقة من برامج تفضيلية كفيلة بتحقيق التنمية وتجاوز التهميش والانكماش”.

كبوري الصديق، عضو الجمعية المغربية لحقوق الإنسان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى